.webp)
مع تصاعد حدة التوتر في قطاع غزة، أصدرت القوات الإسرائيلية، اليوم السبت، أوامر إخلاء جديدة للسكان، في ظل استئناف عملياتها العسكرية، وسط جهود مكثفة من الوسطاء الدوليين لتهدئة الأوضاع. جاء هذا التطور بعد أسابيع من التوقف النسبي في القتال، إلا أن الأوضاع عادت للتفاقم مجددًا مع تعثر المفاوضات بشأن التوصل إلى هدنة طويلة الأمد.
إسرائيل تصعد عملياتها وتصدر أوامر إخلاء
في بيان نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على منصة "إكس"، دعا سكان مناطق عبسان، القرارة، وخربة خزاعة إلى مغادرة منازلهم فورًا والتوجه إلى منطقة المواصي، محذرًا من غارات وشيكة قد تستهدف هذه المناطق. وأوضح أدرعي أن هذه التحذيرات جاءت بعد تكرار التنبيهات لسكان هذه المناطق بضرورة المغادرة، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن هذه البلاغات بمثابة "التحذير الأخير" قبل تنفيذ عمليات قصف واسعة النطاق.
تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع حصيلة الضحايا
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة في غزة، يوم الجمعة، أن عدد القتلى في القطاع منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية في 18 مارس/آذار بلغ 921 شخصًا، من بينهم 25 شخصًا قتلوا خلال الـ24 ساعة الأخيرة فقط. وبهذا يرتفع إجمالي عدد الضحايا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أكثر من 50,277 قتيلًا، في حين لا يزال عشرات الآلاف من الجرحى يعانون من نقص الرعاية الصحية بسبب الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الطبية في القطاع.
نتنياهو يتمسك بمواصلة الحرب
رغم الضغوط الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض أي اتفاق لوقف القتال قبل تحقيق الهدف الأساسي المعلن، وهو "تفكيك القدرات العسكرية لحماس وإنهاء سيطرتها على غزة". ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن نتنياهو يسعى إلى تمديد العمليات العسكرية لفترة أطول بدلاً من الانتقال إلى مرحلة التفاوض على وقف إطلاق نار دائم، وهو ما يضعف فرص التوصل إلى اتفاق سياسي قريبًا.
حماس تفكر في إطلاق رهائن مقابل هدنة مؤقتة
في المقابل، أفادت قناة "كان" الإسرائيلية بأن حركة حماس تدرس إطلاق عدد من الرهائن المحتجزين لديها كجزء من صفقة تهدف إلى التوصل إلى هدنة مؤقتة خلال عطلة عيد الفطر. وبحسب التقارير، من المتوقع أن يشمل الاتفاق الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية، عيدان ألكسندر، مقابل التوصل إلى وقف مؤقت للعمليات العسكرية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار محاولات الوسطاء الدوليين، بما في ذلك مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى تهدئة تضمن الحد من تدهور الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في غزة. ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات كبيرة تعترض طريق أي اتفاق محتمل، في ظل رفض إسرائيل القبول بشروط حماس المتعلقة بتخفيف الحصار وإعادة الإعمار.
تصاعد الضغوط الدولية وسط استمرار المعاناة
على الصعيد الدولي، يتواصل تزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الهجوم المستمر على غزة. وقد أعربت العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والصليب الأحمر، عن قلقها العميق إزاء الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، مطالبة بتدخل فوري لوقف القتال والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود.
وبحسب التقارير الواردة من داخل القطاع، فإن الوضع يزداد سوءًا مع استمرار عمليات النزوح الجماعي للسكان، في ظل انعدام المأوى والغذاء والمياه النظيفة. وتواجه المستشفيات في غزة صعوبات غير مسبوقة في التعامل مع تدفق أعداد الجرحى، حيث باتت العديد من المنشآت الصحية غير قادرة على العمل بكامل طاقتها بسبب القصف المستمر ونقص الإمدادات الطبية.
إسرائيل تواجه انقسامات داخلية بشأن الحرب
في الداخل الإسرائيلي، تتزايد حالة الانقسام حول استمرار الحرب في غزة، حيث يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة من بعض أعضاء حكومته ومن المعارضة. ويرى بعض القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل أن الحرب طالت أكثر من اللازم، وأن استمرارها قد يؤدي إلى تداعيات أمنية وسياسية خطيرة على المدى البعيد.
كما تتصاعد الاحتجاجات داخل إسرائيل من قبل عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، حيث يطالبون الحكومة الإسرائيلية بالعمل على إعادتهم في أقرب وقت ممكن عبر صفقات تبادل مع حماس، في حين يرى آخرون أن أي اتفاق مع الحركة قد يكون بمثابة انتصار لها.
الجهود الدبلوماسية مستمرة.. ولكن دون تقدم ملموس
في ظل تعثر المفاوضات، تواصل الأطراف الدولية جهودها الحثيثة لإنهاء النزاع. ويُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات مكثفة بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، إلى جانب وسطاء من قطر ومصر، لمحاولة التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار.
ويرى محللون أن فرص التوصل إلى هدنة دائمة لا تزال ضئيلة، خاصة في ظل تصلب المواقف بين الطرفين، واستمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية التي تهدف إلى القضاء على البنية التحتية لحركة حماس.
مستقبل غزة في ظل استمرار الحرب
مع دخول الحرب شهرها السادس، لا يزال مستقبل غزة يكتنفه الغموض. وبينما تسعى إسرائيل إلى القضاء على نفوذ حماس، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن هذه العمليات العسكرية لن تنهي الصراع بسهولة. وتبقى التساؤلات مطروحة حول كيفية إعادة إعمار القطاع المدمر، وما إذا كان المجتمع الدولي سيتدخل لإيجاد حلول جذرية تنهي دوامة العنف المتكررة.
وفي ظل استمرار التصعيد، تبقى الأوضاع في غزة مفتوحة على جميع الاحتمالات، مع استمرار معاناة المدنيين الذين يدفعون الثمن الأكبر في هذا النزاع المستمر. وبانتظار أي تطورات جديدة، يبقى الأمل معلقًا على جهود الوسطاء الدوليين لإيجاد مخرج لهذه الأزمة الإنسانية العميقة.